صمت الحملان | |||||
|
|||||
أميركا 1991 ( إى فـى سى / س ) 120 ق م | |||||
|
|||||
أحد أعظم ما صنعته الشاشة عن الشق المظلم للكائن البشرى ، قوة وعمقا واقباضا . القصة : طالبة تحت التمرين فى المباحث الفيدرالية فى فـرجينيا ، تكلف بمقابلة طبيب نفسى آكل للحوم البشر ، للحصول على مساعدته فى حل قضية قاتل نفسى متسلسل طليق . وبعد مشهد المواجهة الأولى المزلزل بين الطبيب المحبوس تحت إجراءات استثنائية لا تسمح بمجرد لمسه ، ومحاولات الفتاة الصمود أمامه ، يعلم أن مجرد الحديث معه يكون قاتلا ، إذ ينتحر السجين المجاور ! بعد قليل يخطف القاتل ابنة إحدى عضوات الشيوخ ، ويبدأ الجميع فى عقد صفقات مغرية مع الطبيب ويعدونه بتخفيف نظام حبسه . بينما يطلب هو فى المقابل أن يسير لمناطق مظلمة فى نفسية البطلة وبينما تواجه البطلة القاتل المتسلسل فى مشهد رهيب فى الظلام ، يفلح الطبيب فى الفتك بحراسه والهرب إلى إحدى الجزر البكر فى لقطة النهاية ! الواقع إنك إذا أعطيت نفسك فرصة للإفاقة من هول ما ترى لأدركت أن هذا الفيلم اللعين يتحدث فى مستويات فلسفية عميقة أكثر إرعابا . وأن البطل هو الشيطان نفسه لا تلمسه ، لا تدعه يعرف شيئا عن داخلك ، لا تفكر فيه ، ولا تنسى من هو ، طبقا للتعليمات الأربعة التى تتلقاها البطلة فى مشهد البداية . فى نفس الوقت يختار الفيلم آكل لحوم البشر ليجعله رمزا ومعادلا ماديا للعصر كله . وجعل البطل رمزا لإنسان هذه الحضارة التقنية بكل علمه وجبروته وثقافته وذكائه ونعومة مظهره ، وبالتالى وبحكم المنطق البسيط ، ووحشيته وأكله للحوم البشر . والبطلة هى المسيح الذى تعذبه رسالته ويدخل فى مناورات وحرب لا نهائية ضد الشيطان . وهو فى نفس الوقت يحمل مسحات الإنسان الخالص ، هش ومعذب من الداخل لكن قوى وصامد وشجاع ومكافح . وبالطبع ليس غريبا بالمرة أن يفتتح الفيلم بمشهد له فى إحدى الغابات . بالمثل النهاية رمز لأن الحضارة التقنية أفلحت فى تصوير منتجها الفتاك ، نقصد بطل الفيلم وكل ما يرمز له ، إلى كل مكان فى العالم . أيضا لم يفت الفيلم أن يجعل جبروت تلك الشخصية وزملائها فى المصحة بالذات يصل إلى حد البؤس ، وقد أعطى تمثيل هوپكينز براعة أضافية بأن جعلك تتألم لأن هناك مخلوقات بمثل هذه الوحشية ، وليس أن تحنق أو تغضب عليها . أخيرا العنوان إيحاء رائع بالغ الأقباض لعذابات الحملان البشرية التى تصرخ داخل كل منا ، ولا نملك ولا تملك الحياة سبيلا لإسكاتها أبدا . هذا هو ثالث فيلم فى تاريخ السينما بعد “ حدث ذات ليلة ” و“ طار فوق عش المجانين ” يحوز على جوائز الأوسكار الرئيسة الخمس . |
|||||
|
|
|